8 أخطاء لا إرادية يرتكبها عقلنا يوميا !!

ثمانية أخطاء لا إرادية يرتكبها عقلنا يوميا

سردت الكاتبة الاسترالية بيل بيث كووبر ثمانية أخطاء لا إرادية، يقع فيها عقل كل منا بدون وعي، بشكل يومي، في مقالة لها حققت شهرة كبيرة جعلتها ضمن أكثر المقالات المقروءة على موقع مجلة فاست كومباني. بيل قارئة نهمة وكاتبة نشطة، لها مقالات منشورة في العديد من المواقع الشهيرة على انترنت. بدأت المقالة بالخطأ الأول وهو:

1 – نحن نحيط أنفسنا بمعلومات تتفق مع معتقداتنا


نحن نعجب بالأشخاص الذين نظن أنهم معجبين بنا، وإذا اتفقنا في الرأي مع شخص ما، زادت احتمالات أن نعتبره صديقا لنا. على هذا المنوال، وبشكل لا إرادي وبدون وعي منا، سنبدأ في تجاهل والابتعاد عن كل ما يتعارض مع آرائنا ومعتقداتنا، وسنبدأ ننعزل عن أي معلومات لا تؤكد على ما نعتقد فيه ونؤمن به.

ما يحدث فعليا هو أن عقلنا يقوم بعمل تصفية لكل ما يدور حولنا، ويبدأ يسمح فقط بكل ما له علاقة بنا، فحين تشتري سيارة جديدة، ستبدأ تلاحظ – فجأة – أن عددا كبيرا غيرك يقودها أيضا. حين تحمل امرأة فستجدها تبدأ تلاحظ العدد الكبير للحوامل غيرها. كذلك وجدت دراسة أمريكية أننا نقضي وقتا أطول بنسبة 36% في قراءة مقالات ومواضيع تتفق مع آرائنا.

2 – نحن نؤمن بوهم الجسد الكامل بسبب التدريبات


هل أبطال السباحة لديهم جسدا رياضيا كاملا بسبب تدريبات السباحة – أم أن مدربي السباحة من الذكاء والحرفية بحيث يختارون متدربين لديهم جسدا رياضيا ممشوقا ثم يدربونهم ليستغلوا هذا الجسد في الفوز بجوائز مسابقات السباحة؟

هل الجامعات الشهيرة اشتهرت بسبب العلوم التي تدرسها، أم بسبب حسن انتقائها للعباقرة الواعدين من الطلاب ليدرسوا فيها؟

الإجابة السريعة هي قليل جدا من الشق الأول، وكثير جدا من الشق الثاني. التدريبات لا تعطيك جسدا ممشوقا كما أبطال السباحة في حال كان لديك بعض العيوب، والكسالى فكريا يدخلون ويخرجون كما دخلوا من الجامعات العريقة.

ما يجعل هذه النقطة مثيرة للاهتمام، هو أن عقلنا مستعد لتصديق ما نريده، فلو آمنا بأن الجامعة ممتازة فسنبرع فيها، وإذا آمنا بأن رياضة السباحة تعطينا قواما أفضل من مشاهير السينما، فقد نحصل على ما تريد، لكن السبب ساعتها ليس بالضرورة الرياضة بقدر ما هو الإيمان الداخلي.

3 – نحن نقلق كثيرا بشأن أشياء خسرناها بالفعل


حين تدفع ثمنا ما لشيء ما، يستمر عقلك في تذكر التكلفة والثمن، وتفسير ذلك هو أن العقل يميل لتذكر الخسارة وألمها، مثال: في دراسة أجريت في عام 1985، سألوا أناس عاديين، تخيلوا أنكم اشتريتم تذكرة لرحلة ترفيهية مقابل 100 دولار، وبعدما دفعتم، عثرتم على عرض آخر أفضل، بسعر 50 دولار واشتريتموه أيضا. لا يمكن استرداد ثمن أي تذكرة، والرحلتان في ذات الوقت، ويجب عليكم اختيار رحلة واحدة لتذهبوا فيها.

أكثر من نصف الحضور اختاروا الرحلة ذات ثمن 100 دولار، لأنهم شعروا بأن الخسارة كبيرة في حالتها ويجب تقليل هذه الخسارة بالذهاب في هذه الرحلة، رغم أن الأخرى أفضل منها وأرخص.

مثال آخر، حين تشتري تذكرة سينما، ويبدأ العرض فتكتشف أن الفيلم سيئ جدا. أغلب الظن أنك ستكمل مشاهدة الفيلم وتعذيب نفسك بمشاهدته حتى النهاية لتعويض خسارتك فيه، عوضا عن الخروج من السينما ومحاولة استغلال هذا الوقت في نشاط ترفيهي آخر.

حين ندرك أن خسارة ما قد وقعت علينا، نميل لاتخاذ قرارات انفعالية خاطئة بعدها.

4 – نحن نتنبأ بشكل خاطئ بأشياء يندر حدوثها


تخيل أنك تلعب لعبة ما مع صديقك، لعبة نسبة الفوز فيها 50% مثل رمي عُملة معدنية وتوقع على أي وجه ستقع على الأرض. حين تخسر لصالح صديقك، فستلعب مرة ثانية وكلك ثقة بأن فرصتك أفضل هذه المرة لأن الاحتمالات ستكون لصالحك. هذا توقع خاطئ، فالاحتمالات ثابتة، 50% لك ومثلها لصديقك. هذا الاعتقاد غير الصحيح هو ما يدفع مدمني المقامرة للاستمرار في خسارة مالهم، ظنا منهم بأن الاحتمالات ستكون في صفهم في المرة التالية.

لماذا نظن هذا الظن؟ بسبب أحداث سابقة وقعت لنا نفسرها على هوانا ونبني نظريات على أساسها. هذا الظن يضغط على عقلنا ويدفعنا لعدم فهم كيف يدور العالم من حولنا وكيف تمضي فيه الأمور وبالتالي لا نحسن اتخاذ القرارات.

يميل العقل للاستمرار في المحاولة، بدون تغيير المعطيات والمدخلات، ظنا منه بأن المرة التالية ستكون أفضل وستنجح، وأنه حتما سيحصل على نتيجة إيجابية.

5 – نحن نبرر مشتريات لا نحتاج إليها


كلنا نفعل ذلك، ولا ندرك أننا فعلنا إلا بعد ذهاب نشوة الشراء. كم من صفقة غازلتنا فلما اقتنصناها اكتشفنا أننا بلا حاجة فعلية لها؟ هذه العادة قوية ومتأصلة في اللاوعي وتحتاج لتدريب مستمر على مقاومتها.

لا يقف الأمر عند هذا الحد فالمصيبة أكبر من ذلك، إذ يدرك العقل أننا لسنا بحاجة لما اشتريناه، لكن العقل يريد الشعور بنشوة الشراء، ولذا يبدأ اللاوعي في المجيء بمبررات واهية لهذا الشراء، ويبدأ يزين لنا مزايا وهمية نتجت عن الشراء، حتى نستمر في الشراء مرة تلو المرة.

6 – نحن نتخذ قرارات معتمدة على المقارنات


هل تظن أن كل قرارات العقل السليم منطقية مبررة؟ أنت على خطأ يا صديقي. خذ نتائج هذه الدراسة التي أجريت في محل لبيع قطع الشيكولاته، إذ عرض الباحث على زوار المحل نوعين جيدين من الشيكولاته، الأول فاخر بسعر متدني 15 سنت، والآخر نصف فاخر بسعر سنت واحد فقط. غالبية الزوار اختاروا النوع الفاخر ذا السعر المنخفض.

كرر الباحث التجربة، لكن هذه المرة مع خفض 1 سنت من سعر النوعين. بذلك أصبح النوع نصف الفاخر مجانيا، بينما النوع الفاخر سعره 14 سنت (وهو سعر ممتاز لن تجده خارج المحل). هذه المرة اختارت غالبية الزوار الشيكولاته المجانية.

تبرير الباحث لهذا الأمر هو أن العقل البشري لديه نظام حماية داخلي ضد الخسارة، يراقبك دائما ويمكنه العمل بشكل تلقائي حين يجد داعيا لذلك. هذا النظام يمنعك من الإنفاق حين يمكنك تجنب ذلك. نعم، الشيكولاته الفاخرة سعرها ممتاز، لكن الشيكولاته المجانية أخف أثرا عند المقارنة.

(لمزيد من المعلومات عن مقارنات الأسعار، أنصحك بقراءة تدوينة: ماذا تعلمت من زيادة أسعاري)

إليك دراسة أخرى على عينة أخرى من الناس طلبوا منها التالي: تخيل أنك ذهبت لشراء تذكرة دخول سينما سعرها 10 دولار. بينما تفتح محفظة نقودك، تكتشف أنك أضعت ورقة نقدية قيمتها 10 دولار. هل ساعتها ستكمل عملية شراء التذكرة؟ 12% فقط من عينة الدراسة قالوا لا.

الآن تخيل موقفا آخر. اشتريت تذكرة سينما سعرها 10 دولار، وبينما تسير من شباك التذاكر إلى مدخل قاعة السينما، بحثت عن التذكرة فوجدت أنك أضعتها. الآن، هل ستعود للشباك لشراء تذكرة أخرى؟ 54% من العينة قالوا لا.

ما الفرق؟ في المثال الأول أنت خسرت المال لكن ليس مقابل شيء محدد. في الثاني، أنت أضعت المال في شيء معروف ومحدد وله اسم وقيمة. في المثال الثاني بدأ نظام الحماية ضد الخسارة في عقلك في العمل وقرر ألا تعيد الكرة. في المثال الثاني، قرر عقلك أن تكلفة التذكرة في حالتك أصبحت 20 دولار وليس 10 كما هو معتاد وهذه خسارة ولذا قرر هذا النظام وقفك عن فعلها.

7– نحن نصدق ذاكرتنا أكثر من الحقائق


رغم أن ذاكرة البشر تفقد محتوياتها بسرعة وبدون إدراك منا، لكننا نميل بشكل تلقائي للثقة الراسخة في ما تزعمه هذه الذاكرة. جرب أن تطلب من الناس قراءة فقرة من مقالة ما، ثم اسألهم بعدها عن أكثر حروف تكررت في نهايات الكلمات في هذه الفقرة، وستجدهم يؤكدون على أن حروف كذا وكذا هي أكثر ما تكرر. عند مقارنة ردهم بالواقع، ستجد أنهم في حقيقة الأمر اختاروا الحروف التي يظنون أنها تأتي في نهاية الكلمات. ظنهم هذا سيتكرر في أمثلة أخرى.

8 – نحن نهتم بالمعتقدات الراسخة أكثر مما نظن


في عام 1983 قام باحث بإجراء دراسة بسيطة، طلب من ناس عاديين قراءة الفقرة التالية: ليندا تبلغ من العمر 31 سنة، عزباء، متحدثة مفوهة، ذكية جدا. تخصصت في دراستها الجامعية في الفلسفة، واهتمت وهي طالبة بقضايا التفرقة العنصرية والعدالة الاجتماعية، كما شاركت في مظاهرات ضد الأسلحة الذرية.

بعدها سأل الباحث القراء عن رأيهم في السؤال التالي: أي إجابة تالية أكثر صحة من الأخرى؟
1 – ليندا تعمل في بنك
2 – ليندا تعمل في بنك ونشيطة في الحركات النسائية

المعضلة الذهنية هنا بسيطة، وهي أن الإجابة الثانية لا تجعل من الأولى إجابة خطأ. لا يوجد تعارض بين الاجابتين. في حالة صحة الإجابة الثانية، فهذا يعني أن الإجابة الأولى صحيحة بدورها. الفارق بين الاختيارين بسيط، نعم، لكنه لا ينفي الآخر.

رغم هذه الحقيقة التي بت تعرفها الآن، اختار 85% من الناس الاجابة الثانية. المقدمة التي ليست ذات أثر ملموس، والإضافة في نهاية الخيار الثاني، تدفعك لاختيارها، رغم أنها بلا قيمة فعلية. أنت صنعت معتقدا في ذهنك وتصرفت على أساسه.

لمزيد من التوضيح، لا تعارض بين إجابة 1 و 2. الأولى لا تنفي الثانية، والثانية لا تنفي الأولى. الاجابتان متساويتان، لكن اللعب بالكلمات والألفاظ هو ما يجعلك الآن تريد أن تترك تعليقا تثبت فيه خطأ هذه النقطة وأن الإجابة الثانية هي الصحيحة. تخيل الآن كيف يمكن لمسوق ذكي وبائع لامع استغلال هذه الحقيقة لزيادة مبيعاته، وكثير منهم يفعلون!

أخطاء لا إرادية


أخطاء لا ارادية
ثمانية أخطاء لا إرادية يقع عقلنا فيها يوميا

ما لم تكن سوبرمان، فحتما أنت تقع في كل هذه الأخطاء مجتمعة. يجب عليك تذكير نفسك بذلك، كل يوم أو يومين أو أسبوع، لتدريب نفسك على توقع العوارض مبكرا، وإدراك تبعاتها، وتحكيم العقل لا العادة أو اللاوعي. نعم، يصعب فهم هذه التدوينة في مرة واحدة، لكنك ستخسر إذا لم تحاول فهمها على الوجه الأكمل والاحتراس مما تحذرك منه.

[مصدر الصورة]